Facebook Twitter Addthis

التصنيفات » البرامج » الصحة النفسية » تثقيف نفسي

اضطراب الحركة المفرطة وقصور الانتباه

بدأنا نسمع في الآونة الأخيرة الكثير من شكاوى الأهل والكادر التعليمي من الحركة المفرطة للأطفال، والتي توقع الأهل والكادر التعليمي تحت ضغط وتوتر كبيرين. وقد روت لي إحدى السيدات معاناتها مع طفلها البالغ من العمر ثمانية أعوام، والتي ضاقت ذرعاً من الشكاوى التي تردها تباعاً من المعلمين، لتخبرها عن عدم تركيز ولدها، فهو دائماً شارد الذهن وكثير الحركة لا يهدأ ولو للحظة داخل الصف. وهذه الحركة لا تقتصر على المدرسة، حتى في المنزل فإن حركته لا تحتمل، وهي الآن تقف حائرة لا تدري ما العمل ؟.
تبرز لنا هذه الحادثة عوارض مهمة لمرض يعرف " باضطراب الحركة المفرطة وقصور الانتباه "، والتي ينبغي علينا التحدث عنه لمعرفة ماهيته وأسباب انتشاره وكيفية متابعته .
يختلف الناس في سلوكياتهم من شخص لآخر، وهو شيء طبيعي وواضح، ولكن اختلاف سلوكيات المراحل الأولى من العمر يجعلنا نقف حائرين في التفريق بين ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي. وعادة سلوكيات الطفل نتاج تعامل الآخرين معه ، كالدلال الزائد والحماية المفرطة والحنان، وأيضاً الإهمال. ولكن هناك حالات مرضية قد تؤدي لتلك السلوكيات الخاطئة. قد يخرج الطفل عن حدود المعدل الطبيعي في حركته وسلوكياته فنرى الطفل المخرب... والفوضوي.....والعنيد.....والطفل الغبي وغيره من أنواع الأطفال بعضها طبيعي ومؤقت والبعض الآخر منها مرضي ودائم. ولكن الأهل عادة تزعجهم تلك التصرفات من طفلهم فيقومون بعقابه، والعقاب يزيد المشكلة تعقيداً؛ كون أن هؤلاء الأطفال لا يقصدون ولا يرغبون في خلق المشاكل لأنفسهم  وعائلاتهم، ولكنهم مرضى لا يتحكمون في ما يقومون به، فالجهاز العصبي لديهم لا يعمل بالطريقة الصحيحة، مما يؤدي إلى استجابات غير مناسبة، لذلك فهم بحاجة إلى علاج كي يستطيعوا السيطرة على سلوكياتهم الخاطئة، وهذا ما يعرف بـ (ADHD).
 فما هو هذا المرض؟
 اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD). هو حالة مرضية سلوكية يتم تشخيصها لدى الأطفال والمراهقين الذين يعانون من فرط في الحركة زائدة عن الحد الطبيعي، حيث نرى الطفل يتململ ويتلوى ولا يستطيع البقاء في مكانه أو مقعده، نراه يتسلق كل شيء، يتكلم كثيراً يركض بطريقة عشوائية في الشارع والأسواق، كما أنه لا يستطيع التأقلم واللعب مع الأطفال الآخرين. أما الصورة عند المراهقين والبالغين فتختلف ولا تظهر الأعراض الحركية بنفس الدرجة والوضوح، ولكن نلاحظ تململهم الشديد، ولا يجدون متعة في القراءة أو مشاهدة التلفاز، أو متابعة الأنشطة التي تحتاج إلى تركيز.

    ماهي أسباب حدوث اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟
ليس من سبب واضح ومحدد لحدوث تلك الحالة، فليس هناك عيوب واضحة في الجهاز العصبي، ولكن بعض العلماء أرجع السبب في ذلك إلى أن تلك الحالة تحدث نتيجة لأسباب عضوية نمائية للجهاز العصبي، ومنها:
1- أسباب عضوية تنتج عند تعرض الدماغ لإصابات خلال الحمل، أو عند الولادة (صعوبات الولادة– إصابة ألام بالمرض خلال الحمل – تناول الأدوية....).
 2- حدوث اضطراب في النشاط الكيميائي للدماغ لم تعرف مسبباته، فاختلاف كيماويات المخ تؤدي الى اختلال في المزاج والسلوك.
3- أسباب جينية أو وراثية، حيث وجدت لدى الوالدين أو أحد أفراد العائلة المصاب ابنها بتلك الحالة بعض الأعراض المرضية والسلوكية.
4- أسباب تلوث البيئة أو تسمم بالرصاص.
    ماهي نسبة انتشاره ؟
تنتشر هذه الحالات في جميع إنحاء العالم، حيث تصل النسبة إلى 10% عند الأطفال، و6% عند البالغين، كما أشارت العديد من الأبحاث إلى ارتفاع نسبة التشخيص باضطراب فرط الحركة إلى 40%  منذ العام 1988، ويقدر عدد المصابين بتلك الحالة في الولايات المتحدة وحدها حوالي خمسة ملايين طفل، تتراوح أعمارهم بين الرابعة والسابعة عشرة. كما أن الإحصاءات أشارت إلى إصابة الذكور بهذا المرض أكثر من الإناث بنسبة أربعة أضعاف .

    أنواع اضطراب فرط الحركة ؟
تم تقسيم اضطراب فرط الحركة إلى أربعة أنواع، ولكلٍ منها قواعد تشخيص خاصة بها:
1- النوع الأول: تكون فيه مشاكل الانتباه سائدة على باقي الأعراض، ويتمثل ذلك بضعف الانتباه وصعوبة التركيز وسهولة التشتت.
2- النوع الثاني: تكون فيه مشاكل فرط الحركة والاندفاعية سائدة على كل باقي الأعراض، ويتمثل ذلك في الحركة الزائدة وصعوبة التحكم في سلوكيات هذا الطفل والسيطرة عليه، بالإضافة إلى التهور الشديد.
3- النوع الثالث: تظهر فيه الأنماط السلوكية الثلاث بشكل متساوٍ وكافٍ لإجراء التشخيص، ويتمثل بظهور جميع الأنماط بشكل واضح.
    كيف تظهر أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟
1- يكون الطفل في حالة من التململ الدائم والتلوي في المقعد (عدم الارتياح) مع صعوبة البقاء جالساً عندما يطلب منه ذلك.
2- التسرع في الإجابة حتى قبل إنهاء السؤال، والتحول السريع من نشاط غير مكتمل إلى آخر.
3- صعوبة اتِّباع الأوامر واستمرار التركيز، ضعف في الذاكرة وسهولة في التشتت.
4- الإفراط في الحديث ومقاطعة الآخرين، صعوبة اللعب الهادىء أو انتظار الدور.
5- تكرار التعرض لحوادث خطرة بسبب عدم إدراك العواقب، وفقدانه أشياء مهمة.
6- الاندفاع والتهور وسهولة الاستثارة.
وعليه فملاحظة هذه السلوكيات على الطفل تستلزم التقييم من قبل فريق متخصص، يتكون من طبيب أمراض نفسية واختصاصي نطق ولغة. ويجدر التنويه هنا إلى ضرورة عدم التسرع في التشخيص، حيث يتطلب ذلك الكثير من الوقت والملاحظة من متخصصين يحتاجون للكثير من المعلومات من الأهل والمعلمين.
    متى يتم التشخيص ؟
 اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه حالة نمائية، أي أن الطفل يصاب بها في مرحلة الحمل. وتشخيصها يكون في أية مرحلة عمرية معتمدة على شدة الأعراض ونوعيتها، ولكن بعض تلك الأعراض تظهر بشكل متكرر لدى الأطفال الطبيعيين خلال مرحلة النمو، لذا من الصعوبة بمكان القدرة على التشخيص الكامل، ولكن عند دخول الطفل إلى المدرسة تبرز العديد من العوامل التي تساعد على ظهور الأعراض، مثل اختلاف البيئة المدرسية عن بيئة المنزل، الضغوط التي يواجهها الطفل في المدرسة.وعادة ما يتم التشخيص من خلال الفحص الطبي لاستبعاد الحالات المرضية الأخرى، كما يتم التقييم الطبي والنفسي من خلال معايير مقننة لكل مرحلة عمرية، كما يتم متابعة الطفل وملاحظة التغيرات التي تحدث في السلوكيات وتسجيلها من خلال الوالدين والمدرسين أو من يقوم برعايته.  
    كيف يتم العلاج ؟
ليس هناك من علاج شافٍ يزيل تلك الحالة، ولكن هناك العديد من الطرق العلاجية يمكن من خلالها التحكم في الأعراض المرضية ومنها:
1- العلاج الدوائي: عندما يتم اتخاذ قرار باستخدام الأدوية المنشطة مع حالة من الحالات، فإنه يجب التأكد أولاً من فاعليته مع الحالة، لذا يجب تجربته أولاً، وأن لا يكون الاختبار في بداية العام الدراسي أو أثناء  الامتحانات.  
2- برامج تغيير السلوك: إذا أردنا تغيير سلوك معين، فعلينا أن نغير ونعيد ترتيب الأحداث التي تسبق السلوك، إلى  المقدمات أو التعليمات، والتي تعتمد على ثلاثة جوانب رئيسية، هي:

القواعد: ويقصد بها اللوائح والقوانين التي تحكم سلوك الطفل، بدءاً من أدائه في المدرسة والبيت، والأسلوب المتبع والذي يوضح له هذه القواعد لها تأثير كبير على الكيفية التي يستجيب لها الطفل، فإذا لم تكن تلك القواعد مفهومة وواضحة للطفل فإنه قد لا يستجيب للموقف بطريقة ملائمة. فعلى سبيل المثال، فإن الأب عندما يرى طفله يقفز على الكنبة، فيقول له أنت تعرف القواعد ممنوع القفز على الكنبة، فالأب هنا افترض أن الطفل يعرف القواعد ويحفظها بالرغم من انه لم يتأكد من هذا الافتراض.
وسوف نورد بعض المواقف اليومية التي يجب أن يوضع لها قواعد مكتوبة وتوضح معانيها للطفل الذي يعاني من فرط الحركة وهي كالأتي:
-    ما يجب عمله عند الاستيقاظ من النوم (اذهب إلى الحمام لغسل وجهك – اخلع ثياب النوم....)
-    الحديث ومخاطبة الآخرين ( انتظر حتى يأتي دورك في الحديث...)
-    التعبير عن الغضب ( لا تعتدِ على الآخرين عند الغضب..)
-    الترحيب بالآخرين ( رحب بالآخرين بقولك السلام عليكم أو صباح الخير..)

التواصل: إن توصيل المعلومة الصحيحة للطفل يعد من أهم عناصر تشكيل السلوك، فالعديد من الأطفال الذين يعانون من قصور الانتباه والحركة المفرطة لا ينتبهون بشكل كلي أثناء إلقاء التعليمات. لهذا يجب التأكد من أن الطفل وصلته الرسالة الموجهة إليه. وللتأكد من ذلك يجب مراعاة ما يأتي:
-    يجب على ولي أمر الطالب والمعلم التأكد من أن الطفل ينظر إليه في أثناء تلقيه الإرشادات وان يكون مواجهاً له، وان تلتقي عيناه بعيني الطفل.
-    أن يتكلم المتحدث بصوت طبيعي وواضح.
-    أن تكون التعليمات مباشرة وتتركز حول ما نريد من الطفل أن يفعله.
-    التأكد من أن الطفل قد فهم ما القي عليه من تعليمات وذلك بان يطلب منه إعادة ما سمعه.

بالختام : إن اضطرابات قصور الانتباه والحركة المفرطة ليست كالأمراض التي يمكن التخلص منها باستخدام الأدوية أو العمليات الجراحية، كما أنها ليست كبعض الأمراض النفسية التي يمكن علاجها بجلسات التحليل النفسي، فهي اضطرابات ملازمة للفرد طوال مراحل نموه المختلفة، وإذا ما استمرت بدون علاج ازدادت  خبرات الإحباط والفشل وازداد معها ضعف وانخفاض الثقة بالنفس الذي قد يقود صاحبه إلى الإصابة بالاكتئاب أو الشعور باليأس الذي قد يوصل صاحبه إلى التفكير بالانتحار أحياناً.

 
 

12:26  /  2015-04-03  /  3694 قراءة





إختبر معلوماتك